في الثمانينيات، كانت صناعة الرقائق اليابانية في ذروتها، وكانت البلاد معروفة كواحدة من أكبر منتجي الرقائق الإلكترونية في العالم. وشكلت صناعة الرقائق اليابانية ما يقرب من نصف الإنتاج العالمي في عام 1988، وفي عام 1990، كانت ست شركات يابانية من بين أكبر 10 شركات مصنعة للرقائق الإلكترونية في العالم. يمثل هذا العصر الذهبي قوة ونفوذ اليابان في الصناعة التحويلية.
{getToc} $title={جدول المحتويات} $count={Boolean}التوتر مع الولايات المتحدة هو بداية فترة من التراجع
ولكن مع تزايد التوترات التجارية والضغوط من الولايات المتحدة، وخاصة في المجالات الاقتصادية الأخرى مثل المنسوجات والصلب والسيارات، تحركت اليابان تدريجياً نحو التقاعس عن العمل، الأمر الذي أثر بشكل خطير على صناعة الرقائق اليابانية.
أحد العوامل المهمة التي أدت إلى انخفاض حصة اليابان في صناعة الرقائق كان "اتفاقية تصنيع الرقائق اليابانية الأمريكية". أثرت هذه الاتفاقية بشكل خاص على صناعة الرقائق اليابانية وأدت إلى انخفاض الإنتاج وانخفاض القدرة التنافسية لليابان في هذه الصناعة. تسببت الضغوط الأمريكية في توقيع اليابان على عدة عقود، وتعرضت صناعة الرقائق اليابانية تدريجيًا لضغوط.
ولم تتمكن اليابان من التكيف مع النموذج الصناعي الجديد
ويرى كويتشي هاجيودا، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني السابق، أن تراجع حصة اليابان في صناعة الرقائق لا يقتصر على الضغوط الخارجية. وهو يعتقد أن الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكية الداخلية لعبت أيضًا دورًا رئيسيًا في تخفيض هذه الحصة. وفي حين سيطرت الشركات اليابانية على تصنيع وتصميم الرقائق، إلا أنها لم تهتم بالأساليب الجديدة التي قدمها التايوانيون، وخاصة TSMC، أصبح نموذج تقسيم العمل الذي يفصل بين التصميم والإنتاج ممارسة ناجحة في ذلك الوقت، لكن الشركات اليابانية ما زالت متمسكة بالطرق القديمة وفشلت في التكيف مع أحدث التغييرات.
لقد تطورت تكنولوجيا تصنيع الرقائق بشكل كبير، كما زادت تكاليف الإنتاج بسبب انخفاض قيمة المعدات القديمة والحاجة إلى مصانع جديدة. وتمكنت الشركات الكبرى مثل إنتل وسامسونج من الحفاظ على قدرتها التنافسية من خلال فهم هذه التغييرات واستخدام نماذج إنتاج جديدة، في حين لم تتفاعل الشركات اليابانية مع هذه التغييرات وأضاعت الفرص التي كانت أمامها.
حصة اليابان أقل من 10%
وبحلول عام 2020، انخفضت حصة اليابان في سوق الرقائق العالمية إلى أقل من 10%، ولم تعد الشركات اليابانية من بين أكبر الشركات المصنعة في العالم. ويعود هذا الانخفاض في الحصة إلى ضعف التكيف مع التغيرات السريعة في التكنولوجيا والطلب في السوق العالمية. ومع ذلك، سعت اليابان إلى إحياء صناعة الرقائق وبدأت جهودها للعودة إلى الساحة العالمية.
وفي أبريل 2020، أطلقت اليابان إجراءات لدعم الاستثمارات المحلية من أجل التعامل مع النقص العالمي في الرقائق وتعزيز سلسلة التوريد المحلية. بعض الشركات اليابانية، مثل Murata Manufacturing و Japan Display، بحثت في إمكانية نقل قواعد إنتاجها إلى اليابان. ووفقا للبيانات، فإن حوالي 13.3% من الشركات اليابانية التي نقلت مصانعها في السابق إلى الخارج، تقوم الآن بنقل إنتاجها مرة أخرى إلى اليابان.
476 مليار ين استثمار للتعويضات
إحدى الخطوات التي اتخذتها اليابان لإنعاش صناعة الرقائق لديها كانت الاستحواذ على شركة TSMC. في فبراير 2021، أعلنت TSMC أنها ستستثمر ما يصل إلى 186 مليون دولار لإنشاء شركة فرعية في اليابان لأبحاث 3D IC. ويهدف التعاون إلى تطوير تكنولوجيا التعبئة والتغليف ثلاثية الأبعاد المتقدمة، وليس تصنيع الرقائق.
كما خصصت الحكومة اليابانية دعمًا بقيمة 476 مليار ين لبناء مصنع TSMC في محافظة كوماموتو. ويعد المصنع، الذي من المتوقع أن تبلغ طاقته الإنتاجية الشهرية 55000 وحدة من رقائق 10-20 نانومتر، جزءًا من الجهود المبذولة لاستعادة القدرة التنافسية لصناعة الرقائق في اليابان.
علاوة على ذلك، اتفقت اليابان والولايات المتحدة في مايو من هذا العام على تعزيز قدرات تصنيع أشباه الموصلات وزيادة التعاون في التصنيع المتقدم. ويتضمن الاتفاق خططًا لإنشاء قاعدة لتصنيع شرائح 2 نانومتر في اليابان بحلول عام 2025. وستخصص اليابان أيضًا أموالًا لدعم الأبحاث التي تجريها الشركات اليابانية في مجال تكنولوجيا شرائح الجيل التالي. وتظهر هذه الإجراءات أن اليابان تحاول أن تصبح قادرة على المنافسة مرة أخرى في مجال صناعة الرقائق المتقدمة من خلال الاستفادة من فرص التعاون مع الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأخيرا، يتطلب إحياء صناعة الرقائق في اليابان جهودا متواصلة واستراتيجيات مناسبة لمواكبة التغيرات في التكنولوجيا والطلب العالمي. ومن خلال التعاون الدولي والاستثمارات المحلية، تأمل اليابان في العودة إلى أيامها الذهبية في صناعة الرقائق وأن تصبح لاعبًا رئيسيًا مرة أخرى.